فصل: القبض على علي بن المسيب.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مهلك أبي الدرداء وولاية أخيه المقلد.

ثم مات أبو الدرداء سنة ست وثمانين وولي إمارة بني عقيل مكانه أخوه علي بعد أن تطاول إليها أخوهما المقلد بن المسيب وامتنع بنو عقيل لأن عليا كان أسن منه فصرف المقلد وجهه إلى ملك الموصل واستمال الديلم الذين فيها مع أبي جعفر بن هرمز فمالوا إليه وكتب إلى بهاء الدولة أن يضمنه الموصل بألفي ألف درهم كل سنة ثم أظهر لأخيه علي وقومه أن بهاء الدولة قد ولاه واستمدهم فساروا معه ونزلوا على الموصل وخرج إلى المقلد من كان استماله من الديلم واستأمن إليهم أبو جعفر قائد الديلم فأمنوه وركب السفن إلى بغداد واتبعوه فلم يظفروا منه بشيء وتملك المقلد ملك الموصل.

.فتنة المقلد مع بهاء الدولة بن بوبه.

كان المقلد يتولى حماية غربي الفرات وكان له ببغداد نائب فيه تهور وجرى بينه وبين أصحاب بهاء الدولة مشاجرة وكان بهاء الدولة مشغولا بفتنة أخيه فكتب نائب المقلد إليه يشكو من أصحاب بهاء الدولة فجاء في العساكر وأوقع بهم ومد يده إلى جباية الأموال وخرج نائب بهاء الدولة ببغداد وهو أبو علي بن إسماعيل عن ضمان القصر وغيره فغالط بهاء الدولة وأنفذ أبا جعفر الحجاج بن هرمز للقبض على أبي علي بن إسماعيل ومصالحة المقلد بن المسيب فصالحه على أن يحمل إلى بهاء الدولة عشرة آلف دينار ويخطب له ولأبي جعفر بعده ويأخذ من البلاد رسم الحماية وأن يخلع على المقلد الخلع السلطانية ويلقب حسام الدولة ويقطع الموصل والكوفة والقصر والجامعين وجلس له ولأبي جعفر القادر بالله فاستولى على البلاد وقصده الأعيان والأماثل وعظم قدره وقبض أبو جعفر على أبي علي بن إسماعيل ثم هرب ولحق بمهذب الدولة.

.القبض على علي بن المسيب.

كان المقلد بن المسيب قد وقعت المشاجرة بين أصحابه وأصحاب أخيه في الموصل قبل مسيره إلى العراق فلما عاد إلى الموصل أجمع الانتقام من أصحاب أخيه ثم نوى أنه لا يمكنه ذلك مع أخيه فأعمل الحيلة في قبض أخيه وأحضر عسكره من الديلم والأكراد وورى بقصر دقوقا واستحلفهم على الطاعة ثم نقب دار أخيه وكانت ملاصقة له ودخل إليه فقبض عليه وحبسه وبعث زوجته وولديه قراوش وبدران إلى تكريت واستدعى رؤساء العرب وخلع عليهم وأقام فيهم العطاء فاجتمعت له زهاء ألفي فارس وخرجت زوجة أخيه بولديها إلى أخيها الحسن ابن المسيب وكانت أحياؤه قريبا من تكريت فاستجاش العرب على المقلد وسار إليه في عشرة آلاف فخرج المقلد عن الموصل واستشار الناس في محاربة أخيه فأشار رافع بن محمد بن مغز بالحرب وأشار أخوه غريب بن محمد بالموادعة وصلة الرحم وبينما هو في ذلك إذ جاءت أخته رميلة بنت المسيب شافعة في أخيها علي فأطلقه ورد عليه ماله وتوادع الناس وعاد المقلد إلى الموصل وتجهز لقتال علي بن مزيد الأسدي بواسط لأنه كان مغضبا لأخيه الحسن فلما قصد الحلة خالفه علي إلى الموصل فدخلها وعاد إليه المقلد وتقدمه أخوه الحسن مشفقا عليه من كثرة جموع المقلد فأصلح ما بينهما ودخل المقلد إلى الموصل وأخواه معه ثم خاف علي فهرب ثم وقع الصلح بينهما على أن يكون أحدهما بالبلد ثم هرب علي فقصده المقلد ومعه بنو خفاجة فهرب إلى العراق واتبعه المقلد فلم يدركه ورجع عنه ثم سار المقلد إلى بلد علي بن مزيد فدخله ثانية ولحق ابن مزيد مهذب الدولة صاحب البطيحة فأصلح ما بينهما.

.استيلاء المقلد على دقوقا.

ولما فرغ المقلد من شان أخويه وابن مزيد سار إلى دقوقا فملكها وكانت لنصرانيين قد استعبدا أهلها وملكها من أيديهما جبريل بن محمد من شجعان بغداد أعانه عليها مهذب الدولة صاحب البطيحة وكان مجاهدا يحب الغزو فملكها وقبض على النصرانيين وعدل في البلد ثم ملكها المقلد من يده وملكها بعده محمد بن نحبان ثم بعده قراوش بن المقلد ثم انتقلت إلى فخر الملك أبي غالب فعاد جبريل واستجاش بموشك بن حكويه من أمراء الأكراد وغلب عليها عمال فخر الدولة ثم جاء بدران بن المقلد فغلب جبريل وموشك عليها وملكها.

.مقتل المقلد وولاية ابنه قراوش.

كان للمقلد موال من الأتراك فهربوا منه واتبعهم فظفر بهم واتبعهم وقطع وأفحش في المثلة فخاف إخوانهم منه واغتنموا غفلته فقتلوه فيها بالأنبار سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وكان قد عظم شأنه وطمع في ملك بغداد ولما قتل كان ولده الأكبر قراوش غائبا وكانت أمواله بالأنبار فخاف نائبه فيها عبد الله بن إبراهيم بن شارويه بادرة عمه الحسن وراسل أبا منصور بن قراد وكان بالسندية وقاسمه في مخلف المقلد على أن يدافع الحسن إن قصده فأجابه إلى ذلك وأرسل عبد الله إلى قراوش يستحثه فوصل ووفى لابن قراد بما عاهده عليه نائبه عبد الله وأقام ابن قراد عنده ثم إن الحسن بن المسيب جاء إلى مشايخ بني عقيل شاكيا مما فعله قراوش وابن قراد عنده فسعوا بينهم في الصلح واتفق الحسن وقراوش على الغدر بابن قراد وأن يسير أحدهما إلى الآخر متحاربين فإذا تلاقيا قبضا على ابن قراد ففعلا ذلك فلما تراءى الجمعان نمي الخبر إلى ابن قراد فهرب واتبعه قراوش والحسن ولم يدركاه ورجع قراوش إلى بيوته فأخذها بما فيها من الأموال فوجه الأموال إلى أن أخذها أبو جعفر الحجاج بن هرمز.